الأعمال الفنية والهدايا

تشكّل الديكورات الداخلية لقصر السلام فسيفساء من الكنوز الفنية التي تعكس التراث الثقافي المتنوع للدول المؤسسة للمحكمة الدائمة للتحكيم.

اللوحات الفنية

لوحة للملكة فيلهيلمينا للفنان جان تين كيت الأب، حوالي عام 1900 

وقد صُوِّرت في هيئة ملكة شابة تحمل في يدها غصن نخيل يرمز إلى السلام، ويظهر شاطئ شيفينينجن في الخلفية.

شكّل إنشاء المحكمة الدائمة للتحكيم خلال مؤتمر لاهاي الأول للسلام في عام 1899 لحظة فاصلة في تاريخ الدبلوماسية الدولية. وقد لعبت الملكة فيلهيلمينا دوراً هاماً هنا: فبالإضافة إلى دعمها الدبلوماسي للمؤتمر الذي بادر به القيصر الروسي نيكولاس الثاني، فقد أتاحت قصر هويس تن بوش كمكان لانعقاد مؤتمر لاهاي الأول للسلام. وكان التزامها وتفانيها في قضية السلام والعدل الدوليين ضروريين لنجاح ذلك المؤتمر، الذي أدى في نهايته إلى إنشاء المحكمة الدائمة للتحكيم عام 1899.

وتكريماً لإرث الملكة فيلهلمينا ودعمها، كانت إحدى الخطوات الأولى بعد إنشاء المحكمة الدائمة للتحكيم هي الحصول على صورة للملكة الشابة من قبل الرسام يان تن كيت، وذلك لتزيين أول مكتب للمحكمة الدائمة للتحكيم الذي كان يقع في 71 برينسيغراخت في مدينة لاهاي.

وعندما افتتحت الملكة فيلهلمينا قصر السلام رسميًا كمقر للمحكمة الدائمة للتحكيم في عام 1913، نُقلت صورتها ووُضعت في مكتب الأمين العام.

صورة لقيصر روسيا نيكولاس الثاني (المدرسة الروسية حوالي عام 1900)

كان القيصر نيكولاس الثاني شخصية رئيسية أخرى في مؤتمر لاهاي الأول للسلام، والذي عُقد بمبادرة منه.

وقد قام القيصر بتقديم صورة كاملة الطول له إلى المحكمة الدائمة للتحكيم بعد فترة وجيزة من إنشائها حيث عُرضت بشكل واضح في المكتب المؤقت للمحكمة الدائمة للتحكيم في برينسغراخت 71 أثناء بناء قصر السلام. وصورة القيصر معروضة الآن في إحدى قاعات المحكمة وهي قاعة المحكمة الصغرى.

لوحات فرديناند بول

كان فرديناند بول (1616-1680) رساماً ونحاتاً هولندياً بارزاً من دوردريخت. كان بول تلميذاً لرامبرانت، وحقق نجاحاً كبيراً في أمستردام، حيث نال تكليفات مهمّة، بما في ذلك أعمال لمبنى بلدية أمستردام الجديد والعديد من صور الأدميرال ميشيل دي رويتر. وتضمنت مسيرة بول المهنية مساهمات كبيرة في رسم البورتريه والتاريخ، وتحظى أعماله بتقدير كبير في العديد من المتاحف، مثل متحف ريجكس والمتحف الوطني في لندن.

وفي ستينيات القرن السادس عشر، طلبت أرملة أوتريخت الثرية جاكوبا لامبسينز (1613/14-67) أربع لوحات تاريخية ضخمة لوضعها في غرفة الرسم في منزلها الكائن في منطقة نيويغراخت الأنيقة. وُلدت جاكوبا لامبسينز، وهي ابنة عائلة كالفينية عريقة وذات نفوذ، في مقاطعة زيلاند حيث انتقلت العائلة هرباً من العنف والاضطهاد الديني الذي تعرضت له من قبل الإسبان الكاثوليك خلال حرب الثمانين عاماً.

يمكن ربط مختلف المشاهد بسيرة لامبسينز الذاتية: في اللوحة الأولى، يظهر أينيس، الناجي من سقوط طروادة، وهو يتلقى مجموعة من الدروع من الإلهة فينوس وهو يبدأ رحلته ليصبح المؤسس لروما. وكما هو الحال مع أينياس، اضطرت عائلة جاكوبا إلى الفرار من منزلها. والأمر الحاسم في هذا التشبيه هو أن أوستند، موطن أجدادها، كانت في ذلك الوقت تُقارن مع طروادة (حتى أنها كانت تُعرف باسم نوفا تروجا) بسبب الحصار الطويل والغزو الدموي الذي فرضه الإسبان.

أما اللوحتان الآخرتان فتصوران الملك البابلي سايرس وهو يعيد كنوز هيكل أورشليم إلى شعب إسرائيل في بداية رحلتهم إلى أرض الميعاد، وابنة الفرعون التي وجدت موسى في سلة من القصب تطفو في النيل بعد أن خبأته أمه هربًا من غضب الفرعون على اليهود.

لوحات السقف لجيرارد دي لايريس

كان جيرارد دي لايريس (1640-1711) فناناً هولندياً فلمندياً المولد، رساماً ونحاتاً ومنظراً فنياً اشتهر بأسلوبه الكلاسيكي والاستعاري. وُلِدَ في لييج، وانتقل إلى أمستردام في حوالي عام 1665 واكتسب شهرة كرسام زخرفي. تأثّرت أعماله في البداية برامبرانت ثم بالفن الكلاسيكي الجديد الفرنسي، حيث قام بتزيين منازل وقصور أمستردام بتصاميم متقنة من العصور القديمة.

في عام 1672، صمم جيرارد دي لايريس لوحة سقف ضخمة من ثلاثة أجزاء لمحافظ أمستردام السابق أندريس دي غرايف. كانت اللوحات تمجّد دور عائلة دي غراف كحامي للجمهورية الهولندية وتم تصميمها لوضعها في مقر إقامته في أمستردام. إنّ اللوحات التي تحمل عناوين الوحدة وحرية التجارة والحماية من الخطر، غنيّة بالرمزية المجازية التي تمثل المثاليات السياسية للجمهورية الهولندية.

وقد تم الحصول على هذه اللوحات أثناء بناء قصر السلام كإضافة ملائمة لمقر المحكمة الدائمة للتحكيم، مما يعكس مهمتها المتمثلة في تعزيز السلام والعدالة العالمية.

لوحة ” بيرجيري“ من رسم ديفيد بليس 

أهدت السيدة بليس لوحة تسمى ” بيرجيري“ (مشهد رعوي) مُثبّتة في الجزء العلوي من مكتب الأمين العام.

كان ديفيد جوزيف بليز (1821-1899) رساماً هولندياً معروفاً بلوحاته الفنية. درس في أكاديمية لاهاي ولاحقاً في باريس حيث طوّر مهارته في التقاط الموضوعات التصويرية الدقيقة. كان بليس يحظى باحترام كبير في عصره، حيث أصبح عضواً في الأكاديمية الملكية في أمستردام منذ عام 1845 حتى وفاته عام 1899، وذلك عندما أُنشئت المحكمة الدائمة للتحكيم إثر مؤتمر لاهاي الأول للسلام.

وقد أهدت أرملة الرسام، السيدة بليس، مشهدًا رعويًا لتزيين مقر المحكمة بعد بضع سنوات، ولا تزال اللوحة تزين مكتب الأمين العام للمحكمة الدائمة للتحكيم حتى يومنا هذا.

” باكس“ لأوجين شيغو

كان أوجين هنري ألكسندر شيغو رساماً فرنسياً بارزاً في مرحلة ما بعد العصر الانطباعي واشتهر برسم المناظر الطبيعية والمناظر البحرية. وُلد في عائلة فنية، ودرس في معهد الفنون الجميلة الراقي في باريس، حيث تأثر بمدرسة باربيزون وكذلك المدرسة الانطباعية.

في عام 1891، بعد تعيينه فناناً حكومياً رسمياً، رسم شيغو سلسلة من اللوحات التذكارية التي تجسد أحداثاً مهمة مثل زيارة الأدميرال الروسي تيودور أفيلان إلى تولون ومغادرة الرئيس فيليكس فوريه فرنسا للقاء القيصر الروسي ومنح التحالف الفرنسي الروسي صفة رسمية.

في عام 1913، أهدت الحكومات الفرنسية لوحة كبيرة للفنان أوجين شيغو لتعليقها في مقر المحكمة الدائمة للتحكيم والذي تم بناؤه حديثاً، أي قصر السلام. تصوِّر اللوحة، التي تحمل عنوان ”باكس“، مشهداً مثاليًا للسلام في الريف.

لوحة السلام من خلال التحكيم، لبول ألبرت بيسنار

قامت الحكومة الفرنسية بإهداء لوحة أخرى لتزيين قاعة المحكمة الدائمة للتحكيم وأهدتها إلى الحكومة الفرنسية. تحمل اللوحة الضخمة للفنان الفرنسي بول ألبرت بيسنار عنوان “La Paix par l’Arbitrage” (السلام من خلال التحكيم)، وهي تصور مشهدًا تحكيميًا.

في الوسط، تظهر إيرين، إلهة السلام، وهي تحمل بلوتوس، إله الثروة، بين ذراعيها. ويحيط بها محاربان على ظهر الخيل يمثلان طرفي النزاع. وفوقهما يعرض اثنان من المحامين قضيتهما على محكم يرتدي ثياباً حمراء، وفوقهما ميزان لا يكاد يظهر في السماء ويرمز إلى العدالة. يميل المحكّم نحو الفارس الأضعف الحافي القدمين، مما ينقل الفكرة بأن العدالة يمكن أن تمكّن الطرف الأضعف من الانتصار، حتى وإن كان ذلك بدون استخدام العنف.

المنسوجات والسجاد

المنسوجات الحريرية اليابانية 

استمدت قاعة المجلس الإداري للمحكمة الدائمة للتحكيم المعروفة بشكل غير رسمي باسم “الغرفة اليابانية” اسمها المستعار بسبب المنسوجات الحريرية المزخرفة التي تزين جدرانها.

كانت هذه المنسوجات التي تحمل عنوان” مائة زهرة ومائة طير في أواخر الربيع وأوائل الصيف“ هدية من اليابان وتم نسجها يدوياً باستخدام حلقات حريرية صغيرة بتقنية ”تسوزور نيشيكي“ على يد 48,600 حرفي ياباني ماهر واستغرق نسجها أربع سنوات.

نسيج ”تمجيد السلام“ 

كان هذا تصميم لنسيج من أعمال لوك أوليفييه ميرسون كهدية من فرنسا ويصور إلهة السلام على عرشها محاطة بالفضائل الإنسانية. ومن تحتها تمثال المهزوم مارس، إله الحرب، الذي يمثل انتصار السلام على النزاعات – فقد أخذت إلهة السلام سيفه الذي يرقد في حضنها بينما تبتلع الأعشاب في الأسفل أسلحة الحرب.

في منعطف مأساوي، توفي الفنان، لوك أوليفييه ميرسون، في عام 1920 قبل إكمال هذا العمل. فقد أُخذ بعيداً عن مدينة لاهاي خلال الحرب العالمية الأولى ولم يعد ثانيةً. لذلك تقرر ترك النسيج دون إكماله كتذكير بالثمن الذي تكبدته الفنون من جراء الحرب.

سجادة هيريكه

في عام 1911، تبرعت الإمبراطورية العثمانية بسجادة كبيرة من مصنع هيريكه لقاعة المجلس الإداري للمحكمة الدائمة للتحكيم. تبلغ مساحتها 161.5 متراً مربعاً (1,738 قدماً مربعاً) وتزن أكثر من 700 كيلوغرام (1,543 رطلاً)، ويُقال إنها أكبر سجادة في العالم موجودة خارج تركيا، وهي تخضع حالياً لعملية ترميم.

أسس السلطان العثماني عبد المجيد الأول مصنع هيركه في عام 1841 لإنتاج جميع المنسوجات لقصره دولمة بهجة الواقع على البوسفور. وقد جمع أفضل الفنانين ونساجي السجاد في الإمبراطورية العثمانية في هيريكه، حيث بدأوا في إنتاج سجاد ذي جودة عالية وسجاد كبير بنقوش فريدة من نوعها. بعد الانتهاء من العمل في قصر دولما بهجة، اعتاد السلاطين العثمانيون على تقديم سجاد هيركه كهدايا لنخبة من الملوك والنبلاء ورجال الدولة الزائرين.

نوافذ الزجاج الملون 

نوافذ زجاجية ملونة تطل على الدرج الرئيسي

النوافذ الزجاجية الملونة السبعة التي تعلو الدرج الرئيسي كانت هدية من مملكة هولندا، وقد صنعها استوديو برينسينهوف من شركة شوتن في مدينة دلفت. تمثل النوافذ الوسطى تمجيد السلام والعدل. وكلما ابتعد الناظر عن شخصية السلام المركزية، تصوّر النوافذ فظائع الحرب. تؤكد الكتابات اللاتينية تحت النوافذ على هذا الموضوع:

o في النافذة الوسطى في الأعلى، تظهر شخصية أنثوية ”السلام“، وخلفها تشرق الشمس وترسل أشعتها الذهبية؛ وفي النافذة التي في الأسفل كُتب ” Pax in Terris” (السلام على الأرض). يحيط بها على اليسار” Justitia Victrix” (العدالة المنتصرة) وعلى اليمين “Sapientia Monens” (الحكمة الناصحة).

o على يسار هذه الكلمات: “Novus rerum nascitur ordo” (يولد نظام عالمي جديد)، وإلى اليمين: “Voluntatis sententia” (التعبير عن الإرادة). في الأقسام السفلية تحت السلام: “Iris” (قوس قزح) و”Scientiae” (العلم)؛ وتحت العدالة: “Terra” (الأرض) و”Mare” (البحر)؛ على اليمين: “Industria” (الصناعة) و”Mercatura” (التجارة).

o أخيرًا، في النوافذ الخارجية، على اليسار: “Fatum supremum” (الموت كنهاية الحرب)، وعلى اليمين: “Furor belli” )غضب الحرب).

النوافذ الزجاجية الملونة في قاعة العدل الكبرى

قد أهدت بريطانيا العظمى، وهي دولة أخرى من الدول المؤسسة للمحكمة الدائمة للتحكيم، أربعة نوافذ زجاجية ملونة كبيرة للفنان الأسكتلندي الشهير دوغلاس ستراشان، لتزيين مقر المحكمة.

تصور اللوحات تطور المثالية للسلام عبر أربعة عصور متميزة. فاللوحة الأولى تمثل العصر البدائي؛ والثانية تمثل عصر الفتوحات؛ والثالثة على اليمين تعكس” العصر الحاضر، في إشارة إلى الفترة التي شُيد فيها القصر في بداية القرن العشرين”؛ أما اللوحة في أقصى اليمين فتتصور مستقبل السلام المحقق، وترمز إلى عالم يتشكل بالقانون الدولي والعدالة.

مصابيح الإضاءة

الشمعدانات

تبرعت النمسا بالثريات البرونزية المذهبة التي تزين الدرج الرئيسي. وقد تم تصنيعها من قبل شركة بيرندورفر ميتال الشهيرة في فيينا ”آرثر كروب“، التي زودت أيضاً الإمبراطورة إليزابيث، إمبراطورة النمسا (المعروفة باسم سيسي)، بأدوات المائدة الفاخرة التي لا يزال من الممكن الاستمتاع بمشاهدتها في القصر الإمبراطوري في فيينا – هوفبورغ، مقر مكتب فيينا التابع للمحكمة الدائمة للتحكيم.

الشمعدانات الجدارية

تزين جدران الدرج الرئيسي شمعدانين مهيبين: هذان الشمعدان البرونزيان اللذان صممهما ب. إنغنهوسز ونفذهما ف. و. براات، ويمثلان الحضارتين الغربية والشرقية.

وبالإضافة إلى دورهما العملي كمصدر للإضاءة، يرمز هذان الشمعدان إلى التنوير والسلام، ويحمل كل منهما عبارة ”باكس“ (السلام) و”ليكس“ (القانون).

المزهريات

المزهرية الروسية

تم التبرع بالمزهرية الروسية من القيصر نيقولا الثاني قيصر روسيا الذي يظهر اسمه على جوانب المزهرية مع شعار عائلة رومانوف والنسر الإمبراطوري ذي الرأسين. يبلغ وزن المزهرية حوالي 3500 كيلوغرام وهي مصنوعة من حجر اليشب الصلب من جبال الأورال في غرب روسيا.

وقد وُضعت بشكل رمزي فوق حجر الأساس لقصر السلام مباشرةً من أجل تقدير الدور المحوري للقيصر في الدعوة إلى مؤتمر لاهاي للسلام عام 1899 الذي أنشأ المحكمة الدائمة للتحكيم.

مزهريات من خزف الميوليق

تبرعت هنغاريا بأربع مزهريات كبيرة مصنوعة من خزف الميوليق من مصنع زسولناي الشهير في بيكس، في جنوب هنغاريا.

ويعلو هذه المزهريات التاج الملكي الهنغاري، وتتميز بزخارف حمراء وزرقاء ترمز إلى السلام والعدالة، بينما تمثل البوم والأسود الحكمة والقوة.

مزهريات روزنبرغ

صُنعت المزهريات الخمس من فن الآرت نوفو المعروضة على الدرج الرئيسي من قبل شركة روزنبرغ الملكية لصناعة الخزف وأهدتها مدينة أمستردام لإحياء ذكرى مؤتمر لاهاي الأول للسلام لعام 1899.

كل مزهرية رُسم عليها يدوياً زخارف تمثل رموزاً ومواقع مهمة مرتبطة بمؤتمر السلام، مثل قصر هويس تين بوش (حيث عُقد المؤتمر)، وفيجفربرغ في مدينة لاهاي (مقر الحكومة الهولندية)، وغرونبورغوال في أمستردام (في إشارة إلى عاصمة البلد المضيف). تتميز ثلاث من المزهريات بأغطية مقببه على شكل كنائس روسية ترمز إلى دور روسيا المحوري في إطلاق المؤتمر. وتكرّم المزهريتان الأخريان الملكة فيلهيلمينا ملكة هولندا والقيصر نيكولاس الثاني قيصر روسيا، مما يعكس مساهماتهما في مؤتمر لاهاي الأول للسلام وإنشاء المحكمة الدائمة للتحكيم.

مزهريات من سلالة تشينغ الصينية وأواني بخور

في عام 1909، كلف آخر إمبراطور صيني مؤسسة Institution Industrielle de Pékin بإنتاج مزهريتين من الخزف وآنيتين من البخور لمقر المحكمة الدائمة للتحكيم، حيث تم تخصيص مكان متميز لها في قاعة المجلس الإداري للمحكمة الدائمة للتحكيم.

زُخرفت أواني البخور باستخدام تقنية المينا التقليدية المعروفة باسم “مصوغة” والتي تتضمن وضع أسلاك معدنية على سطح معدني لإنشاء حجرات (“مصوغة”) يتم ملؤها بعد ذلك بعجينة المينا. وقد اشتهرت قطع المصوغة بالمينا في القصر الإمبراطوري لألوانها المبهجة وتصميماتها المعقدة التي غالباً ما كانت تحمل رموزاً ميمونة مثل الزهور والحيوانات والزخارف الدينية.

صُنعت المزهريات الخزفية الكبيرة على طراز ”فاميل روز“ المرغوب فيه للغاية وتتميز بمناظر متقنة لنباتات مزهرة مثل الفاوانيا وزهرة الأقحوان والبيغونيا وغيرها من الأزهار المميزة. وقد زُيّنت المزهريات بمقبضين مطليين بالمينا الفيروزي على شكل تمثالين ”تشيلونغ“ (تنين صغير بلا قرون يرمز إلى القوة)، وتصور الزخرفة المركزية للمزهريات تنيناً يمكن تمييزه من خلال مخالبه الخمسة: يرمز التنين ذو المخالب الخمسة، أو ”لونغ“، إلى القوة العليا وكان الإمبراطور الصيني يستخدمه حصرياً ليعكس حقه الإلهي في الحكم. خلال عهد أسرة تشينغ الحاكمة، لم يكن بإمكان أحد سوى الإمبراطور استخدام التنين ذي المخالب الخمسة، بينما كانت التنانين ذات المخالب الثلاثة أو الأربعة مخصصة للنبلاء والمسؤولين.

خلال عصر التشينغ، كانت هذه المزهريات تُستخدم في كثير من الأحيان كهدايا دبلوماسية ترمز إلى حسن النية والتراث الفني الغني للصين، وتنقل رسالة عن الرقي الثقافي والعظمة الإمبراطوري.

المنحوتات

تمثال المسيح في جبال الأنديز 

نسخة طبق الأصل من التمثال الأكبر حجماً الموجود على قمة جبال الأنديز على الحدود بين الأرجنتين وشيلي، وقد نفذ هذا التمثال النحات البلجيكي جول لاجاي وأهدته الأرجنتين إلى المحكمة الدائمة للتحكيم. يمثل التمثال الأصلي رمزاً للسلام والوحدة بين البلدين، وقد صُنع عام 1905 من البرونز المذاب من المدافع احتفالاً بالحل السلمي للنزاع الحدودي بين البلدين.

نافورة الدّب القطبي

كانت هدية الدنمارك عبارة عن نافورة ضخمة للساحة الداخلية لقصر السلام. وعُرفت باسم” نافورة الدّب القطبي“، وقد صنعها مصنع الخزف الملكي الدنماركي تحت إشراف مديره، أرنولد كروغ.

يتألف هذا التصميم المذهل الذي صممه كارل يوهان بونيسن (1868-1933) من حوض مستدير بحافة من الجرانيت الأحمر، تعلوه عدة منحوتات من الخزف للدببة القطبية وأسود البحر من صنع مصنع الخزف الملكي الدنماركي (المعروف باسم رويال كوبنهاغن).

السلام عبر العدالة

التمثال الرخامي الأبيض الذي يعلو الدرج الرئيسي كان هدية أخرى من إحدى الدول المؤسسة للمحكمة الدائمة للتحكيم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية. وقد منحه النحات، أندرو أوكونور، عنوان” السلام عبر العدالة“. يمثل التمثال نسخة عصرية أكثر أناقة من سيدة العدالة، وقد صُوِّرت بدون سماتها التقليدية ( الميزان والسيف وغطاء العينين). وبدلاً من ذلك، ترتدي خاتمًا في إصبعها يمثل وحدة السلام والعدالة.

تمثال باكس

أهدت بولندا هذا التمثال الرخامي لآلهة السلام الرومانية، من تنفيذ النحات إدوارد ويتيج. وهناك تمثال مماثل له في متحف وارسو الوطني للفنون.

عرش كنوسوس 

كانت هدية اليونان إلى المحكمة الدائمة للتحكيم هي نسخة طبق الأصل مصنوعة من الرخام الأبيض لعرش كنوسوس الشهير الذي تم اكتشافه في جزيرة كريت في وقت متقارب من إنشاء المحكمة خلال مؤتمر لاهاي الأول للسلام عام 1899.

في عام 1900، اكتشف عالم الآثار البريطاني سير آرثر إيفانز عرش كنوسوس في جزيرة كريت، ويُعتقد أنه أقدم عرش في أوروبا، حيث يعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد. يقع هذا العرش في قلب قصر كنوسوس المينوسي، وكان يُعتقد في البداية أنه يعود للملك مينوس، الحاكم الأسطوري لجزيرة كريت.

شبح الحرب 

بعد أن أصبحت شيلي طرفاً متعاقداً في المحكمة الدائمة للتحكيم في عام 1907 بفترة وجيزة، قدّمت الحكومة الشيلية منحوتة بعنوان ” le Spectre de la Guerre” (”شبح الحرب“) كهدية للمقر الجديد للمحكمة الدائمة للتحكيم.

يبلغ طول المنحوتة الضخمة 4.5 متر، وتصور الوجود المدمر والمطارد للحرب، وهي ترتفع فوق زاوية هادئة من الحديقة، حيث تقف على النقيض تماماً من رموز السلام المحيطة بها. تؤكد منحوتة الفنانة ماتيه بيلو على الأهوال والدمار الذي تسببه الحرب، حيث يتردد صدى أسلوب النحات العاطفي العميق في جميع أنحاء هذا العمل.

كانت ريبيكا ماتي بيلو (1875-1929) أول امرأة تشيلية تحترف مهنة النحت، إلّا أنها تميّزت أيضاً بكونها أول امرأة تُعيّن كأستاذة في أكاديمية الفنون الجميلة في مدينة فلورنسا.

هدايا أخرى

المكتب الأسترالي

قدمت كومنولث أستراليا طاولة للكتابة إلى مقر هيئة المحكمة الدائمة للتحكيم. وقد صُنع المكتب من عينات رائعة من أخشاب الزينة الأسترالية التي تتألف من خشب الجراح، من غرب أستراليا، والصمغ الأزرق من تسمانيا، وخشب الأرز من نيو ساوث ويلز، والخشب الأسود والبلوط الحريري من فيكتوريا، والزان من كوينزلاند. ومن الأشياء الملفتة هي تطعيمات الصمغ الأحمر (الذي أصبح الآن أسود تماماً)، وهي مصنوعة من بعض أجزاء من طريق قديم جداً تم العثور عليه أثناء الحفريات في ملبورن في بداية القرن العشرين. تكون التطعيمات بشكل عام من الساتان والصمغ الأحمر، مع مربعات من اللؤلؤ والتركواز والذهب الخام. وقد استُخدمت قطع من المسك والزيتون البري كتطعيمات في الألواح.

وللعصابة المنحوتة حول الطاولة دلالة مميزة، حيث تتألف من شريط من أوراق الصمغ مع اللبان وتحتوي على النباتات المحلية وأوراق الشجر في الولايات المختلفة، مثل أجراس عيد الميلاد وزهور الصمغ القرمزي والوارتة والوسادة وزهور الفانيلا. كما تظهر بعض الجرابيات الصغيرة التي لا توجد إلا في أستراليا (بالحجم الطبيعي) أيضاً في النحت، مثل الجوربوا (الفئران ذات الجراب) والسنجاب الطائر والفالانجر طويل الأنف والفأر ذو الذيل الفرشي والكانغرو والطيور. أما المقابض الفضية فتمثل حيوانات أسترالية مشكّلة ومزخرفة بشكل فني رائع.

محبرة أسترالية

بالإضافة إلى المكتب المزخرف بشكل غني، قدمت أستراليا محبرة مصنوعة من الذهب والفضة والمينا الملونة. تمثل الولايات الأسترالية بالدروع الذهبية والمزينة بالمينا والمحاطة بأحزمة منقوشة بشكل رائع وتمثل أوراق شجر الكافور. كما يوجد تمثال ذهبي يمثل شعار النبالة الأسترالي، مع الدروع المزخرفة بالمينا، إضافة إلى قالب فضي مصمم بدقة يمثل أوراق الكافور، وزهور الواتل، وصغار حيوان الأبوسوم.

اثنتا عشرة محبرة فضية من إسبانيا

قام لويس إسبونيس، صائغ الفضة الإسباني الشهير، بتصميم اثنتي عشرة محبرة فضية مربعة الشكل، تبرعت بها إسبانيا للمحكمة الدائمة للتحكيم عام 1914. تزدان هذه المحابر بشعار النبالة الإسباني، وكان الهدف منها استخدامها أثناء اجتماعات المجلس الإداري للمحكمة الدائمة للتحكيم.

 

كانت القطع الفضية تُستخدم غالبًا كهدايا دبلوماسية لتعكس تراث الأمة الفني وحسن نيتها. ولا تزال هذه المحابر تُستخدم من قبل المحكمة الدائمة للتحكيم، مما يرمز إلى التزام إسبانيا بالدبلوماسية والتعاون الدولي.

أنياب الفيل من تايلاند

أهدت مملكة تايلاند (المعروفة آنذاك بمملكة سيام) زوجًا من أنياب الفيل كرمز لتراث تايلاند. كل ناب مزود بشريط فضي يحمل لوحة نقش عليها شعار النبالة والعبارة التالية “Don de S.M. le Roi de Siam” أي هدية من صاحب الجلالة ملك سيام.

يعتبر إهداء أنياب الفيل من تايلاند مثالًا مهمًا على “دبلوماسية الأفيال”، التي كانت ممارسة ثقافية ودبلوماسية مهمة استخدمتها تايلاند في ذلك الوقت، وخاصة من قبل الملوك التايلانديين. وكانت هذه اللفتة تُعتبر رمزًا للصداقة ووسيلة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية، حيث تحمل الأفيال أهمية ثقافية ودينية عميقة في تايلاند، خصوصًا الأفيال البيضاء التي تُعتبر رموزًا للرخاء والحظ السعيد.

محابر من تايلاند

بالإضافة إلى أنياب الفيل، أهدى ملك تايلاند محبرتين مذهبتين متقنتي الصنع إلى المحكمة الدائمة للتحكيم. أكّد اختيار المحبرة كهدية دبلوماسية على أهمية الكتابة، والحوار، والحلول السلمية في العلاقات الدولية.